رواية امجد الفصول من 1-4
يا دكتور
قال الطبيب بهدوء
كل الموضوع ان الضغط ارتفع عندها مرة واحده والدم دا بيبقى رحمة من عند ربنا لانه ممكن كان لا قدر الله الضغط العالي يعمل جلطة وجايز جدا كان اتسبب في فقدان الجنين لكن الحمدلله ربنا ستر
شهقت سعاد شهقة حزن عالية في حين ردد يوسف مذعورا
جلطة !! يارب سترك يارب ...
بينما قبض امجد يديه الاثنتين وقد نفرت عروق رقبته في حين اكمل الطبيب مطمئنا لهم
وإنصرف الطبيب تاركا كل فرد فيهم وهو ينظر الى الآخر بقلق ويدعو الله في سره ان يتم شفاء هبة بسلام وامان...
نفذ... حالا !!....
اتجه امجد الى غرفة هبة حتى وقف امامها حيث كانت العائلة مجتمعه لم يدخل أي منهم بناءا على تعليمات الطبيب سأله الجميع عن سبب ما حدث ولكنه لم يجيب وبدلا من ذلك قال بجدية موجهة حديثه الى شقيقه الأصغر
مالهاش لازمة..
ثم نظر الى الجد و يوسف متابعا
انا محتاج اقعد معكم شوية قبل ما تروحو مع حسانين ....
جلس امجد مع الجد و يوسف وقص عليهما بالتفصيل ما حدث سكتا قليلا ثم قال يوسف بهم و حزن
اللي كنت خاېف منه حصل! انا سبق وحذرتك يا أمجد وقلت لك إن البنت دي مش سهلة وهتأذي بنتي وأهو اللي خفت منه حصل !!
ما تخافش يا عمي مش هتقدر تقرب لمراتي تاني وانا متأكد من كدا ...
قال الجد بهدوء
ناوي على ايه يا امجد
فأجاب أمجد بحزم وعينيه تبرقان بنذير شړ
ابدا يا جدي لكن انا بحذر مرة واحده بس وهي اللي اختارت... انا حذرتها قبل كدا الا هبة تبعد نهائي عني وعن مراتي لكن هي ما سمعتش الكلام وانا من النوع اللي مابحبش اعيد كلامى مرتين !! ثم نظر الى يوسف متابعا
ابتسم يوسف ساخرا بهدوء
انا مش خاېف منها دلوقتي انا خۏفي من ردة فعل هبة لما تفووق اللي فهمته من كلامك ومن كلام الدكتور المباشر لحالتها ان الذاكرة رجعت لها واللي هي فيه دا من صدمة رجوعها ليها مرة واحده وبنفس الظروف وااضح جدا ان الحية اللي اسمها سارة عرفت بطريقة ما انه الصدمة دي هي اللي هتخلي الذاكرة ترجع لها وللاسف كأنها بتعيد شريط فيديو... كررت نفس المشهد بالظبط وحصل اللي حصل اللي انا خاېف منه رد فعل هبة ومش من ناحيتك بس.. لأ!!.. دا من ناحيتي انا كمان! خصوصا لما تعرف اني وافقت انكم تتمموا جوازكم وانا عارف سبب فقدان الذاكرة عندها وربنا يستر من اللي جاي ...
دخل امجد الى غرفة هبة وسار بهدوء حتى وصل الى الفراش فنظر اليها يطالعها بحب كانت عيناها مسبلتان وخدودها غائرة والمحاليل المغذية متصلة بيدها التي ظهرت عروقها بارزة بوضوح لشدة نحولها كما كان وجهها شاحبا الى درجة البياض مال عليها مقبلا جبينها فشعر بها تبتعد برأسها عنه واذ بها تفتح عينيها وما ان رأت وجهه امامها حتى اشاحت بوجهها فيما قال لها بخفوت
حمدلله على السلامة يا قلب امجد ..
لم تجبه فتابع قائلا وهو يضع يده على بطنها
حمدلله على سلامة عتريس !!
فشعر بتشنج جسدها تحت يده فقبض أصابعه واعتدل واقفا فيما هى لاتزال مشيحة بوجهها تنهد تنهيدة طويلة ثم قال
انا صممت ان الكل يروح وانا اللي هفضل هنا لو عاوزة اي حاجه قوليلي يا هبة !!
التفتت بوجهها حيث القت اليه بنظرة باردة قبل ان تبتعد بعينيها ناظرة امامها مطلقة كلمة واحدة نفذت الى صدره كالړصاصة حتى كادت تودي بقلبه صريعا
طلقني ...
بهت امجد لم يستطع تصديق ما سمعه تبا انه يهذي ولا ريب! من غير الممكن أن تطلب منه هبة حبيبته بتلك البرودة الانفصال عنه هبة لا تستطيع العيش بجونه تماما كما هو لا يستطيع الحياة من غيرها...
حاول استجماع شتات نفسه الذي تبعثر ما ان سمع هذه الكلمة المخيفة منها ولم يرغب بالنقاش معها وفتح أي جدال فهو يعلم تماما انها لابد وان تبتعد عن اي انفعال أجاب محاولا الهدوء
ارتاحى دلوقتى يا هبة وهنتكلم بعدين..
نظرت اليه وما ان همت بالكلام حتى قاطعها بجدية بالغة
الدكتور قال بلاش انفعال فياريت تهدي خاالص لغاية ما نرجع بيتنا ..
قالت بصوت مغلف بنبرة سخرية ومرارة
طول ما انت معايا والانفعال هيفضل موجود !!
ألجم امجد نفسه عن الرد بصعوبة فيما سار الى باب الغرفة وضع يده على المقبض ولكنه الټفت اليها قائلا
بما ان وجودى مضايقك فأنا هسيبك دلوقتي علشان ترتاحي تصبحي على خير ...
وخرج مغلقا الباب خلفه في هدوء فيما انسابت الدموع على وجنتيها في صمت ...
مكثت هبة في المستشفى لقرابة الاسبوع حتى اطمأن الطبيب على صحتها وصحة الجنين وكانت هبة قد رفضت معرفة نوع جنس الجنين كانت ستفرح سابقا أن كانت علمته هي وأمجد اما الآن فقررت ان تأقلم نفسها على خلو حياتها وحياة ابنها من .... امجد ...
حضرتت علا لإصطحابها الى المنزل مع الجد فيما مكثت مدام سعاد في المنزل في انتظارها لم يأت امجد ولا يوسف والذي كان يزورها يوميا وهى في المشفى ولكنه لم يستطع النظر في عينيها فكلما وقعت عيناه عليها كان يرى اللوم في عينيها مما اضطره لإختصار وقت زيارته كي لا تتحدث معه وتنفعل وبالطبع امجد لم يحضر لإصطحابها من المشفى فقد خشي ان ترفض الذهاب معه فإرتأى ان يرسل اليها علا مع عم حسانين وطلب من جده مرافقتها لعلمه بحب هبة الشديد له ...
اثناء طريق العودة الى المنزل ساد الصمت الذي لم يتخلله الا بعض العبارات العابرة وفجأة قالت علا
انت عارفة يا هبة .. ابيه امجد بيحبك اووي! عارفة ان طول الفترة اللي انت فيها في المستشفى وهو كان معاكي ماسابكيش ثانيه واحده! كان طول الوقت قاعد على كرسي بره اودتك ولما تنامي كان بيدخل ينام على الكرسي عندك في الأودة ولما كانو الممرضات يعترضو كان بيقولهم انك مش بتعرفي تنامي لوحدك !!
سكتت هبة قليلا ثم تكلمت بنبرة مليئة بالمرارة لفتت انتباه الجد فقالت
لا يا علا مافيش حاجه بتدوم ... كل شئ وله نهاية !!
ثم التفتت لتطالع المناظر الخارجية من نافذة السيارة وهى لا تعي مما ترى شيئا ...
تؤمري بحاجه تانية يا ست هبة هزت هبة برأسها رفضا فتحمدت لها سميرة بالسلامة ثانية وانصرفت تاركة اياها بمفردها في طابقها الخاص هي وأمجد حيث صعدت بعد ان قابلت سعاد متحججة برغبتها في نيل قسط من الراحة ولم تستفسر عن الدها او ... امجد ...
سمعت طرقات على الباب ففتحت الباب لتفاجئ بوالدها واقفا وعينيه تطالعانها بنظرة ألم بينما قال
مقدرتش امنع نفسي اني آجي واطمن عليك ! ..حمدلله على السلامة يا روح بابا ...
سكتت هبة قليلا ثم مدت يديها الى والدها وهي تقول بصوت ېخنقه غصة البكاء
وحشتني أووي يا ابو حجاج !!
دخل والدها واخذها بين ذراعيه وهو يقول ودموعه اختلطت بدموعها
يا روح ابو حجاج انت وحشتيني اكتر يا حبيبة ابوك !!..
بعد ان هدأت عاصفة البكاء جلس والدها بجانبها وهو يقول بهدوء خاڤت
هبة حبيبتي انا عاوزك تسمعيني كويس .. امجد ماخانكيش زي ما انت فاهمه .. امجد ....
لقاطعته هاتفة بحدة رغما عنها ما ان سمعت اسم أمجد
ارجوك يا بابا مش عاوزة اسمع الاسم دا تاني ومش عاوزة اتكلم في الموضوع دا !!
قال يوسف محاولا تهدئتها
حبيبتي انا مش هتكلم معاكى دلوقتي علشان الانفعال مش
كويس عليك لكن انا ماتعودتش منك انك تهربي من اي حاجة وعدم كلامك في الموضوع دا هروب ! والهروب يعني جبن !! وانت مش جبانه يا هبة !!
علقت وهى تهز برأسها موافقة على كلامه وبجدية بالغة
لا يا بابا هبة بنتك مش جبانه ولا ضعيفة اطمن !! ...
فنهض والدها وهو يقول بينما نهضت ترافقه
ماشي حبيبتي لما تحبي تتكلمي في اي وقت انا موجود خدي وقتك كله.. بس خللي بالك كل ما الوقت بيمر كل ما قسۏة القلوب بتزيد لازم تسمعي له يا هبة انا لو مش متأكد انه فعلا مظلوم وأد ايه هو بيحبك.. عمري ما كنت هوافق على جوازكم ...
انتظر لسماع جوابها ولكنها لم تعلق فهز كتفيه يأسا وزفر بعمق ثم انصرف داعيا لها ان يصلح الله لها حالها وينير بصيرتها...
دخلت هبة الى غرفة نومهما والتي كانت وكأنها تراها لاول مرة نظرت الى كل شئ فيها ثم سقط نظرها على خزانة الملابس سلطت نظراتها قليلا عليها ثم اتجهت بخطوات عازمة اليها حيث تناولت حقيبة كبيرة بجرار موضوعة بجوار الخزانة فحملتها ووضعتها على الفراش ثم بدأت بترتيب ملابسها واشيائها الضرورية بداخل الحقيبة وشردت اثناء عملها ولم تستفيق الا على صوت صفع الباب بشدة فالتفتت حيث رأت امجد وقد وقف ينقل نظراته بين الحقيبة وأشيائها الموضوعة بداخلها من جهة و بينها من جهة أخرى وقد شحب وجهه تماما تقدم الى الداخل وهو يقول بابتسامة صغيرة بينما نظراته مسلطة على الحقيبة
حمدلله على السلامة ...
لم تجبه وبدلا من ذلك التفتت تتابع ترتيب ثيابها حيث ذهبت الى الخزانة لجلب باقي ملابسها وأجابت ببرود وهى تضعها في الحقيبة
الله يسلمك ...
اقترب اكثر منها حتى وقف بجانبها وقال متسائلا
انت بتعملي ايه
نظرت اليه من فوق كتفها وقالت
زي ما انت شايف !!
ثم تابعت عملها متجاهلة اياه فمد يده حيث امسكها من ذراعها وادارها لتنظر اليه وكرر السؤال
انت بتلمي الهدوم دي ليه
أجابت بسخرية
إيه عاوزهم مش مشكلة خليهم ... مش هتفرق .. عندى استعداد أخرج بالهدوم اللي عليا !!
هتف بحدة
تخرجي تخرجي يعني ايه هبة لآخر مرة انت بتعملي ايه
جذبت ذراعها من يده بقوة وقالت ببرود وسخرية
ايه يا امجد طول عمرك ذكي !! عموما انا هجاوبك .. انا ماشية يا امجد !! ماشية من بيتك