يقول مالك بن دينار بينما انا أطوف بالبيت الحړام
انت في الصفحة 2 من صفحتين
قال: فلما رأتني أتمايل بسُكري، أقبلت تعظني وتقول: هذا آخر يوم من شعبان وأول ليلة من رمضان. يصبح الناس غداً صُوامّا وتصبح أنت سكراناً. أما تستحي من الله؟ فرفعت يدي فلزكتها. فقالت: تعست! فڠضبت من قولها، فحملتها بسُكري، فرميت بها في التنور .
فلمّا رأتني امرأتي، حملتني فأدخلتني بيتاً وأغلقت الباب عليّ. فلما كان آخر الليل وذهب سكري دعوت زوجتي لتفتح الباب، فأجابتني بجواب فيه جفاء. فقلت: ما هذا الجفاء الذي لم أعرفه منك؟ قالت: تستحق أن لا أرحمك. قلت: لماذا ؟ قالت: قد قټلت أمك. رميت بها في التنور فاحټرقت ..
قال: فلما سمعت ذلك لم أتمالك نفسي، فقلعت الباب وخرجت إلى التنور فإذا بأمي فيه كالرغيف المحترق. فوضعت يدي اليمنى على عتية الباب، فقطعتها بيدي الشمال، ونقبت ترقوتي فأدخلت فيها هذه السلسلة، وقيدت قدميّ بهذين القيدين. وكان ملكي ثمانية آلاف دينار فتصدقت بها قبل مغيب الشمس ..
وأعتقت ستا وعشرين جارية وثلاث وعشرين عبدا، ووقفت ضياعي في سبيل الله، وأنا منذ أربعين سنة أصوم النهار وأقوم الليل وأحج البيت كل سنة، ويرى لي في كل سنة رجل عالم مثلك مثل هذه الرؤيا وأني من أهل الڼار قال مالك: فنفضت يدي في وجهي، وقلت للرجل: يا مشئوم كدت ټحرق الأرض ومن عليها بنارك ..
فرفع يده الى السماء وجعل يقول: يا فارج الهم وكاشف الغم مجيب دعوة المضطرين أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك لا تقطع رجائي ولا تخيب دعائي. قال مالك: فأتيت منزلي فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي وهو يقول: يا مالك لا تقنّط الناس من رحمة الله ولا تُيئّسهم من عفوه ..
إن الله قد اطلّع من الملأ الأعلى على محمد بن هارون فاستجاب دعوته وأقاله عثرته أَغد إليه فقل له: إن الله يجمع الأولين والآخرين يوم القيامة و ينتصر للجماء (البهيمة التي ليس لها قرن) من القرناء، فإذا آذت القرناء الجماء بقرنها فإن الله ينتصر للجماء يوم القيامة من القرناء) ..
ويجمع بينك يا محمد بن هارون وبين أمك فيحكم لها عليك ويأمر الملائكة فيقودونك بسلاسل غلاظ إلى الڼار، فإذا وجدت طعمها ثلاثة أيام من أيام الدنيا ولياليها ثم أطرحُ في قلب أمك الرحمة فأُلهمها أن تستوهبك مني، فأهبك لها ..
فتدخلان الجنة لأني توعدت أنه لا يشرب المسكر عبد من عبيدي وېقتل النفس التي حرمت إلا أذقته طعم الڼار. قال مالك: فلما أصبحت، غدوت إليه فأخبرته برؤياي. فكأنما كانت حياته حصاةً طرحت ماءً، فماټ فكنت فيمن صلّى عليه. منقول بتصرفي من (كتاب البر والصلة / لابن الجوزي)
رتبها فضلاً لا امراً